إن أجهزة التليفزيون و الإذاعة و السينما و صفحات المجلات و الجرائد تتبارى على شيء واحد خطير هو سرقة الإنسان من نفسه ، شد عينيه و أذنيه و أعصابه و أحشائه ليجلس متسمراً كالمشدوه و قد تخدرت أعصابه تماماً ، كأنه أخذ بنجاً كلياً و راح يسبح بعينيه مع المسلسلة ، و يكد ذهنه متسائلاً : من القاتل ، ومن الهارب .. و بين قاهر الجواسيس ، والأفيشات العارية في المجلات ، و العناوين الصارخة في الجرائد ينتهي اليوم و ...الليلة ، و يعود الواحد إلى فراشه و هو في حالة خواء و فراغ و توتر داخلي مجهول السبب ، و حزن دفين كأنه لم يعش ذلك اليوم قط ..
و الحقيقة أنه لم يعش بالفعل ، و أن حق الحياة سُلِبَ منه ، و أنه سُلِبَ من نفسه ، و أُخرج عنوة و أُلقي به في مغامرات عجيبة مضحكة ، و تساؤلات لا تهمه على الإطلاق .. من الذي قتل شهيرة هانم ! و لماذا تخون كلوديا كاردينالي زوجها في رواية "الذئب في فراشي" ؟ و أين الكنز في مسلسلة "عبيد الذهب" ؟ و أين الحقيقة في رواية "ارحمني يا حبيبي" ؟!
~~
المصدر من كتاب / الشيطان يحكم
شارك معنا ليصلك كل ماهو جديد


336x280 إعلانك هنا / مقاس